مجالات البحث العلمي في تخصص الشريعة
البحث العلمي هو الطريقة الوحيدة للفهم حول العالم باعتباره وسيلة لفهم الحقائق والظواهر، والوصول إلى حلِّ مشكلة محددة، أو اكتشاف حقائق جديدة؛ فلا يمكن لحضارة أن تتقدم دون التفتيش والتنقيب عن أصول المسائل وحقيقتها وإبعادها عن شبح الخرافة.
البحث العلمي قد يكون بالعلوم الطبيعية (التي تهتم بدراسة النواحي الفيزيائية الطبيعية المادية غير البشرية لكافة الظواهر الموجودة في الكون ) أو بالعلوم الإنسانية ( التي تهتم بدراسة الظواهر البشرية وتفاعلاتها مع أنظمة الكون )، ويهدف كلا النوعين إلى تعميق المعرفة وتبسيطها للإنسان حتى يستطيع الاستفادة منها في جوانب الحياة المختلفة.
وإذا جئنا للبحث العلمي في علوم الشريعة فإنه لا بد من الاعتماد على التفكير بأسلوب علمي للوقوف على فلسفة الأحكام والمعاملات التي أقرتها الشريعة، من خلال التركيز على مواضيع تحقيق فائدة علمية وعملية للمجتمع المعاصر؛ وذلك بتناول مشكلة حقيقية تشغل الرأي العام أو طائفة معينة من أفراد المجتمع، وتقدم الحلول المناسبة لها مع مراعاة تجددها.
قد يصعب علي في سطور معدودات حصر الكم الهائل والمجال الواسع أمام دارس الشريعة في البحث العلمي الدقيق في مختلف التخصصات، وبحكم أن ديننا الإسلامي يدخل بكل تفصيل من تفاصيل الحياة فإن الباب مفتوح على آخره للبحث والتنقيب عن أي موضوع كان، المهم أن يكون هذا البحث مثريا ويقدم شيئا جديدا ويحرص على تنمية مهارة التفكير والنقد لدى الإنسان ويقدم حلولا لقضايا الواقع المعاصرة والمتجددة = ( مخ شغال وبفكر مش بس بتلقى وبهز راسه )؛ حتى يتمكن من التحدث بعلم وقوة وبناء على أدلة واقعية فيسهل عليه إيصال فكرته بوضوح والدفاع عنها؛ لأنه اطلع وتبحر أكثر من غيره.
لا يحمل إنسان القلم للكتابة إلا لمعالجة قضية جديدة، وجديد الدراسات الإسلامية مرتبط بالزمان والمكان وتطورهما.
ووجود الإشكالية هو سرّ التأليف في الفكر الإسلامي؛ فالتجديد في الدراسات الإسلامية منوط بإشكالية المجتمع لإصلاحها.
فإذا جئنا إلى باب التشريعات سنرى أن هناك العديد من القضايا والإشكالات المتجددة حول بعضها، لا لأن الخلل فيها إنما لعدة أسباب أخرى، كقضية الحجاب مثلا خاصة بالفترة الاخيرة.
وإذا جئنا لجانب العقائد سيفتح الباب أمامنا للنظر في كثير من الأمور، كإشكالية العلاقة بين التيارات العلمانية والتيارات الإسلامية – مثلا – هل هو صراع وجود أم يمكن التعايش بينهما؟ وكيف يؤثر ذلك على الفكر وصناعة الرأي العام عبر الزمن، الخ.
أيضا جانب القانون والسياسة يمكن للباحث أن يبحث عن كون القوانين الوضعية أنجح للإنسانية من التشريعات والأحكام الإسلامية مثلا، ومدى تصديق الواقع لذلك.
أما في جانب المرأة فهناك إشكالات قديمة متجددة تتعلق بالمسائل التي تخصها ما بين سوء فهم وبين تعنت أو تساهل أو حتى عدم اعتبار؛ فهناك عديد من الجوانب البحثية في قضايا المرأة العصرية والتي تتعلق بها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا والتي تؤثر في فاعليتها بالمجتمع لفهم موقع النساء في الخارطة السياسية والإعلامية.
وفي جانب النفس الإنسانية ( ما لها وما عليها، موقعها في الحياة، انعكاساتها التربوية، الأسرة، الإنسان، الطفل، الخ)
عدا عن جانب الطب وحفظ النفس الإنسانية كالبحث في قضية التحول الجنسي – مثلا – التي أصبحت للأسف تلقى رواجا ونوعا من التقبل في هذا الزمن.
أيضا جانب الفلسفة والفكر والنقد حسب استقراء الواقع..
وغيرها من المجالات الكثير الكثير والتي يمكن البحث عنها بأساليب شتى وربطها بكثير من المعلومات التي تحتكم إلى أحكام وطريقة العيش في الأزمنة المختلفة.
اترك تعليقاً