عينك على الشريعة
هذا المقال ليس مجرد كلمات رصفتها والسلام، بل هو من وحي قلب عاش تجربة كاملة في البحث عما يناسبه حتى اهتدى إلى التحويل من كلية الهندسة إلى كلية الشريعة والحمد لله، فهذه دعوى من نفس متألمة على الحال الذي وصلنا إليه متأملة في مستقبل بهي سترسمونه بأيديكم يا أصحاب المعدلات العالية لدراسة التخصصات الإنسانية وعلى رأسها الشريعة والتخلي عن الرغبات المجتمعية السائدة بدخول الطب والهندسة والصيدلة – حصراً – ، أعلم أن النهضة تتم أيضا بالتخصصات العلمية ولا أنكر ذلك لكن التخصصات الإنسانية هي التي تبني الحضارة الحقيقية..
لذلك أرجوك اقرأ هذا المقال بقلبك واحكم عليه بعقلك، اقرأه لوحدك بعيدا عن كلام الناس السخيف الذي لا يجلب سوى الإحباط والذي لا يصدر عن علم بل لا يعدو عن كونه رأيا شخصيا من أجل برستيج زائف والله !!
لا أريد أن يفهم من مقالي هذا إني بطخ عالطب والهندسة والتخصصات العلمية البحتة أو أقلل من شأنها إنما أريد أن أوضح فكرة هامة يغفل عنها الكثيرين ..
كلنا نعلم أن الطب – مثلا – من أكثر التخصصات حساسية لأنه يتعامل مع الأجساد لكن في الحقيقة الشريعة أكثر حساسية لأنها تتعامل مع الأرواح وتتعلق بكلام الخالق للخلق؛ فلو أن أحدا مات على يد طبيب سنكون فقدنا نفسا لكن الأثر يبقى على أهله فقط أما أن يُفهم الدين بشكل خاطئ ومغلوط فهذه مصيبة كبيرة لأنه سيتصدر للكلام عن الدين من ليس بكفء = رح يخبط الدنيا ببعضها ! وأثر ذلك يتعدى إلى المسلمين جميعا ويؤدي إلى كوارث باسم الدين.. روحنا فيها رسمي ! والواقع أكبر شاهد.
مشكلتنا الحقيقية أننا نهمش التخصصات الإنسانية وننظر إليها نظرة دونية؛ ( كالتاريخ، والفلسفة، وعلم النفس، والقانون، واللغة العربية، وغيرها ) ونعتبر أن الأحقية في الدراسة للتخصصات العلمية البحتة، طبعا لا أقلل من شأنها خصوصا إذا تميز فيها دارسها وأسهم فيها إسهاما مختلفا، لكن بمعادلة رياضية بسيطة: إذا كان معظم الأذكياء وأصحاب المعدلات العالية ( %95 منهم ) يذهبون للطب والهندسة الخ، فماذا بقي للتخصصات الأخرى إذا هم تركوها ؟ أثر هذا نراه جليا في حال أمتنا خاصة في هذا العصر.
وأنقل لك كلام حجة الإسلام الإمام الغزالي في هذا الباب : ” كما أنه لو خلا البلد عن الطبيب والفقيه كان التشاغل بالفقه أهم؛ لأنه يشترك في الحاجة إليه الجماهير والدهماء، فأما الطب فلا يحتاج إليه الأصحاء، والمرضى أقل عددا بالإضافة إليهم، ثم المريض لا يستغني عن الفقه كما لا يستغني عن الطب وحاجته إلى الطب لحياته الفانية وإلى الفقه لحياته الباقية وشتان بين الحالتين، فإذا نسبت ثمرة الطب إلى ثمرة الفقه علمت ما بين الثمرتين “.
هل تعلم أن الجامعات الغربية تهتم بالدراسات الدينية بشكل غير معقول وقد يكون الاهتمام بها أكثر من التخصصات الأخرى؟
لذلك نرى منهم الكثير من الشخصيات القيادية والمؤثرة على مستوى العالم، ليش؟ لأنهم تعلموا أن يكونوا قادرين على الحوار والنقاش في الأمور الإنسانية والتي ترسم سياسة العالم؛ فترى الواحد منهم قادرا على عمل مناظرات يحضرها الآلاف من مختلف الأعراق والأديان ولمدة تصل لأكثر من 4 ساعات متواصلة وتكون مبهرة حرفيا!
فصانعو السياسات وقادة الدول وواضعو القرارات الحاليين هم غالباً من أهل التخصصات الإنسانية؛ لأنها تمكنهم من التعرف على أسس بناء الدول، وسير المجتمعات، وصناعة السياسات، وهي التخصصات التي للأسف؛ يميل الأذكياء عندنا إلى غيرها.
كنا كذلك وكان علماؤنا – رضي الله عنهم – هكذا، فقط لأنهم لم يكونوا يتوانوا لحظة عن دراسة هذه العلوم والنهل منها !
تذكر يا صديقي أن قيمتنا الحقيقية هي قيمتنا الروحية ومن دونها ننزل إلى ما دون الحيوانية.
آخر شي يا معلم
متل ما غيرك ذكي إنت كمان ذكي، اللهم كل شخص ذكاؤه بختلف عن الباقي، ومتل ما غيرك بلاقي حياة بالعلوم والطب إنت كمان ممكن تلاقي حياتك في الشريعة وغيرها، وما في أفضلية لتخصص عالتاني إلا بالرغبة والعمل =)
_والله الشريعة تحتاج الأذكياء الصادقين الدامعين على مستقبل هذا الدين..
اترك تعليقاً