“بَدْرس طب”
“هاد ابني الدكتور فلان”
“ما شالله ولاده كلهم دكاترة”
لا شك أنّه أمرٌ عظيم يستحق أخذ كل هذا الاهتمام! يستحقّه بشدّة!
تخصص الطّب وما يحوي من علومٍ هو شيءٌ مبهرٌ ورائع؛ تعجز العقول إلى يومنا هذا عن فهم تفاصيل سيره. فأنت في الطّب تتعلم ثلاث سنواتٍ من العلم الأساسيّ؛ من محاضراتٍ ومختبراتٍ وأبحاث. ثمّ تبدأ مرحلةً جديدةً في السّنة الرّابعة، وما بعدها، يتوق الجميع للوصول إليها؛ فتقترب أكثر من مهنة الطّبيب و تعيشها بكلّ تفاصيلها. فيصبح المشفى هو منزلك، تقضي فيه معظم يومك وتتعلم خلاله مهارات التّعامل مع المرضى على اختلاف شخصياتهم وأفكاره.
ولعلّ أهمّ دورٍ يقوم به الطّالب المتدرّب، والطّبيب على اختلافِ اختصاصه، هو أخذ معلوماتٍ كافيةٍ من المريض تكون ذات صلةٍ بما دفعه للقدوم إليك كونك طبيبه، أو ما يسمى”بالسّيرة المرضية”، فلا يقتصر إنجاز العمل على وصف الدواء للمريض وحسب.
ستتعلم تفاصيل هذه الأمور بعد ساعاتٍ طويلةٍ من الدّوام بين الأطباء والمرضى، وبعد تعبٍ يصبح له لذة خاصّة، لن تفهم مدى عمق أثرها إلّا بعد أن ترى دمعة زوجٍ ينتظر زوجته مع وليدهما الجديد بصحةٍ ممتازة، و بعد أن ترى راحة صديقٍ يفرح بسماع خبر سلامة صديقه بعدمروره بحادث سيّرٍ مروّع. و الكثير الكثير من المواقف الجميلة والوديّة التي تنتظرك، لكنها تحتاج منك الصّبر والتّحمل الذي سيزيّن روحك جُلّ سنين العمل والدراسة. الدّراسة طول السّنين السّت، والسّابعة لتزاولَ المهنة في المملكة، وبعدها يأتي الاختصاص لمدة 4 سنوات على الأقل، ثمّ تكمل الرّحلة بالزّمالة أو غيرها. الأمر ممتعٌ وفيه الكثير من العقبات التي تجعلك شخصًا أفضل، ولكن لا تنسَ أن الاختبارات في كل المراحل هي رفيقك الأول.. وصديقة رحلتك بكل لحظاتها.
على الأرجح أنّك تتتساءل إن كان هذا التّخصص يناسب اهتماماتك وشغفك لتُصبحَ ما تريدُ يومًا؟ أم أنّك تريد التفاخرَ فقط بمناداتك “تفضل دكتور” ؟ هل يجعلُ منك الرداءُ الأبيض إنسانًاأفضل!؟ أم أنّ لقب “حكيم” هو ما تنتظره؟
زميلي في كلية الطّب قريبًا، تخصصنا هو تخصص مهم ولكنّه لا يتعدى أهمية باقي التّخصصات؛ فأنت كطبيب تبحث في أعراض مرضاك وعن طريقة علاجهم؛ حتمًا ستحتاج إلى مَن يحضّر لك الأدوية ، ستحتاج إلى صيدلانيّ قد جلب موادَّ العقاقير من مزارعٍ اهتمّ بالنّباتات وحصدها باستخدام آلةٍ صمّمها مهندس، وكيميائيّ أسهب في تطوير ما بدأ به زميله الصيدلانيّ. أيضًا من حقّ مريضك أن يحظى بالخصوصية والسّرية التّامة طول فترة علاجه والتي يضمنها له قانونٌ وضعه محامٍ استشار فيه من درَس علم النّفس وحاجاتها. ثمّ يأتي عالم الحاسوب ليضع لك نظامًا تتابع من خلاله بيانات مرضاك ونتائج تحاليلهم التي أُدخلت بعد سحب عيّناتٍ من قِبل خرّيج التّحاليل الطّبية. فأنت في كليةٍ تعدُّ جزءًا من جامعةٍ جمع تتخصصات عدّة لكلٍّ منها مكانتها و قيمتها. فحكّم عقلك، حكّم عقلك قبل أن تدخل دوّامة دراسة متواصلة إن أردت دخولها فقط لِما وُجِدَ لها في مجتمعنا من صيتٍ يميزها دون غيرها. حكّم عقلك إن كنت تضع همّ المريض وصحتهوهمّ مساعدة غيرك في التّحسن قبل أن تحسبَ كم ستأخذ مقابل عملك، وقبل أن تفكر برفاهية حياتك وفخامة ما ستركب حكّم عقلك قبل أن تؤمن بأنّ حرف “ د “ يجعلك أعلى قيمة من غيرك؛ بل الأحسن بينهم!
في الطّب رحلةٌ طويلةٌ رهيبة تنتظرك، تنادي بـِ”مَن سلَكَ طريقًا يلتمسُ فيهِ علمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُطريقًا إلى الجنَّةِ;، فإن كنت على استعدادٍ لتلبية النّداء وحبّ العلم لخدمة غيرك به، فأهلًاوسهلًا.
[porto_block name="portfolio-bottom-block"]
اترك تعليقاً