إشاعات حول الشريعة
- الشريعة بتقدر تتثقف فيها لحالك ( بتيجي في الطريق )، ادرس تخصص معتبر؛ هندسة مثلا.
في الحقيقة إن أردت تحصيل علم شرعي معتبر ( مش مزحة ولاد صغار ) لا يكفي دراسة الشريعة قراءة بعض الكتب أو الحصول على أجوبة لبعض الاستفسارات العابرة بل لا بد من التخصصية الدقيقة في دراستها في الكليات الرسمية وعلى يد المشايخ المتخصصين والمتبحرين في علوم الشريعة، وملازمتهم ومناقشتهم.
وكما أن الهندسة والطب لا يمكن للطالب تحصيلهما أو التثقف بهما عن طريق الكتب ومتابعة الأطباء والمهندسين فقط فإن الشريعة كذلك لا بد من دراستها على أيدي الأساتذة المتخصصين، والواقع الذي يعرفه من درس الشريعة أو شيئا من علومها يشهد بأن الشريعة أكثر اتساعا ودقة من الطب والهندسة .. ( بالله جد ؟ بتتخوتوا علينا -.- )
لا بحكي جد والله ^^
والدليل أن خريج الطب والهندسة يستطيع ممارسة عمله مباشرة فور تخرجه من مرحلة البكالوريوس في حين أن طالب الشريعة لا يمكنه أن يكون مفتيا أو قاضيا فور تخرجه من البكالوريوس بل يحتاج إلى مزيد من التدرب والتبحر والممارسة ليكون أهلا لهاتين الوظيفتين، ثم إن الشريعة تتفرع إلى عدة تخصصات يحتاج الواحد منها لقراءة وبحث ودراسة تصل إلى سنوات ! فهل يشك عاقل أن الشريعة الإسلامية حتى في التخصص الواحد من تخصصاتها يسيرة هينة يمكن لأي طالب أن يتثقف فيها بقراءة الكتب ومتابعة المشايخ ؟!
- العلم ليس محصورا بالشريعة، أستطيع دراسة أي تخصص آخر وأتعلم الشريعة بمفردي.
طبعا لا يوجد عاقل يدعي أن العلم محصور في تخصص دون الآخر، ودخول الجامعات هدفه أساسا أمران اثنان؛ الأول تحصيل العلم من المختصين، والثاني تحصيل الشهادة التي بدونها لن يستطيع التقدم للوظائف، نحن للأسف نعيش في عالم يفضل صاحب الأوراق ( ما تسمى شهادة ) على أي شخص مهما كانت درجة علمه أو المهارة التي يمتلكها !
نعم هناك طرق أخرى معتبرة لدراسة الشريعة غير التسجيل في الكليات الرسمية؛ كبرامج اليوتيوب، والشروحات الصوتية، والعلماء الذين يعقدون الدورات الشرعية، وغيرها لكن هل هذا يسد الثغرة الكبيرة الموجودة في التعليم ؟؟
يجب أن نعي أن دخول الشريعة المقصد منه سدّ ثغرة تعليم الشريعة ، وليس فقط تعلّم الشريعة، كيف يعني؟
كما قلنا الوظائف في المدارس والجامعات لا يمكن تحصيلها إلا بالشهادة، ونحن حاليّاً يجب علينا أن نعيد للتعليم هيبته خصوصا تعليم الدين، والتعليم مهمّة الأنبياء والمرسلين، فحاليّاً حقيقة مستوى من يعلّم الدين لا يؤهّله علمه لذلك -إلا من رحم الله وهم قلّة- ، أمّا الباقي فهم قد اختاروهم من بين الموجودين أيّاً كان حالهم ( فلنقل أحسن السيئين )؛ لهذا لا نرى مخرجات سوية لما يسمّى تربية إسلاميّة في المدارس – إلا من رحم – وتكون جهود فرديّة.
لذلك يجب علينا التفريق بين تعلّم الشريعة لذواتنا أو لإفادة المجتمع عن طريق الدعوة وبين سدّ ثغرة التعليم في المدارس والجامعات.
- الشريعة بطعميش خبز!!
في الحقيقة هذه من أكثر الإشاعات انتشارا عن الشريعة، لا يوجد طالب دخل الشريعة ولم يسمعها حتى أنها كانت سببا في عدول الكثيرين عن دراستها، لكن هذه الإشاعة ليست حقيقية 100% لكن الذي يحدث في عالمنا أننا صدقناها فأصبحت كأنها من المسلَمات والبديهيات.
هنالك عدة مجالات يمكن لطالب الشريعة العمل بها عند تخرجه وحتى قبل ذلك، كيف ؟
الذكور مثلا يمكن لطالب الشريعة عند تخرجه التعين كمدرس في مدرسة براتب 350 دينار أو أكثر شهريا، بالإضافة إلى كونه قادرا على أن يكون إماما لمسجد في نفس الوقت براتب 350 دينار أو أكثر شهريا بالإضافة للسكن المجاني داخل المسجد، وهكذا إن جمع بين الوظيفتين فإنه سيحصل على راتب 800 دينار تقريبا في كل شهر، فما بالك لو أكمل الدراسات العليا وتعين مدرسا في الجامعة..؟
أما بالنسبة للإناث فإن خريجة الشريعة تستطيع العمل في قطاع التدريس مثلها مثل الذكر سواء في المدراس أو في مراكز القرآن الكريم، والتعليم بنظري ربما يكون أفضل مهنة لها؛ لكن هذا لا يعني أنها لا تستطيع العمل في وظائف أخرى كالإعلام مثلا والباب هناك أمامها مفتوح؛ فنحن نحتاج لقلم المرأة الذي يتحدث بلسان المرأة نفسها لأنه حينها يكون أكثر دراية ( أقصد كتابة المقالات، وسيناريوهات مسرحية/أفلام، أبحاث علمية، الخ ).
4. الشريعة = تعقيد = طفس ! What the hell
ربما هذه ثاني أكبر إشاعة – أو شبهة – يسمعها كل من أراد دخول الشريعة وفعلا تسبب عنده خوف كبير جدا؛ ( ييي إنتو معقدين، دايما مكشرين، داعش، البنت عندكم مضطهدة، درج شباب ودرج للبنات شو هالتخلف؟ )
هم يقولون ذلك لكنهم لم يجربوا قدر الراحة النفسية في كليتنا الحبيبة أبدا، ووالله احنا أكتر ناس بنضحك وبنحشش زي البشر الطبيعيين وأحيانا صواتنا بتفضحنا بس شو نعمل بالإشاعات يعني انكتبت علينا ههههه، وبالنسبة لداعش والاضطهاد فهي لا تعدو عن مجرد فقاعات أُلصقت بنا، عندنا في الكلية نسبة البنات 92% ( يعني محتلين الكلية رسمي )، وهن أكثر من يشاركن ويحاورن الدكاترة بقوة ونتبادل الآراء وفي كثير من الأحيان يصل الموضوع إلى احتدام النقاش ( وما حد بطفسها وبحكيلها اسكتي ) بل على العكس تجري الأمور بكل سلاسة ويكون الوضع طبيعي،
وأما عن الفصل بين درج الشباب والبنات فهو من باب الأريحية في التنقل وليس الأمر إلزاميا ^^
نحن للأسف علقت في ذهننا صور مغلوطة عن الالتزام والملتزمين ( شيخ بدشداش مش مرتب، وبنت بتضل تحكي عكل شي “أستغفر الله”، وأهم شي كلمة “حرام” ) ولم نكتف بذلك بل عممنا هذه الصورة وأصبحنا نتعامل معها كشيء مسلم به وبديهي ونتصرف على أساس هذه الصورة الخاطئة المطبوعة في أذهاننا،
لا أنكر أن هنالك بعض هذه التصرفات موجودة لكنها في فئة قليلة جدا وليست سمتا ملازما لأهل الشريعة؛ فمجتمع الشريعة واسع جدا فيه من جميع الطبقات الفكرية، يعني والله هذه السلوكات لا تعد متطلبا إجباريا لدارسي الشريعة صدقني ^.^
- الشريعة مش علم، راس مالها بجيبولك حديث واحفظ عن..عن..عن وخلصت فكت!الكثير يخلط بين مفهوم العلم ومفهوم المعرفة، فإذا كان العلم يهدف إلى الوصول إلى المعرفة إلا أن هنالك فارقاً بينهما؛ فالمعرفة أكثر سعة وشمولاً من العلم، حيث تتضمن معارف علمية وأخرى غير علمية، أما العلم فلا يشمل سوى المعارف العلمية التي تم الحصول عليها بالأسلوب العلمي. فالعلم هو طريقة منظمة للحصول على المعرفة، تتبع فيها قواعد المنهج العلمي وخطواته، أما المعرفة فيتم الحصول عليها بشكل تلقائي، أو بالصدفة البحتة، ودون اتباع أي أسلوب أو منهج علمي.
ولما كانت الشريعة تحتاج إلى إعمال الفكر وبذل الجهد الذهني المنظم حول مسائلها الدقيقة وحتى العامة بالتفتيش والتقصي عن المبادئ أو العلاقات التي تربط بينها، وصولاً إلى الحقائق واليقينيات التي ينبني عليها أفضل الأحكام والقواعد فإنها تعد طبعا من العلوم بل من أعظمها.
إشكاليتنا أننا نحصر مفهوم العلم بالعلوم الطبيعية التي تهتم بدراسة النواحي الفيزيائية الطبيعية ( المادية ) لظواهر الأرض والكون؛ فهذه العلوم تجيب عن سؤال (كيف؟) أما التفسيرات الغيبية والمسائل المتعلقة بالوجود وحقيقة الإنسان – سؤال (لماذا؟) – فهذا لا يجيب عنه إلا الدين وعلومه، وبهذا تتكامل المعرفة ويتقدم الإنسان.
_ تابع معي مقال البحث العلمي في تخصص الشريعة
https://eyeonfuture.org/wp-admin/post.php?post=9095&action=edit
اترك تعليقاً